الفصل الأسود The Black Chapter
في ليلة هادئة، وفي ركن مظلم من شقته الصغيرة، كان "إكس 0" يجلس أمام شاشة الكمبيوتر، يراقب شبكة الويب وكأنها بحر من الفرص ينتظر فقط من لديه الرغبة في الغوص هذه الليلة. يعرف "إكس 0" أن معظم الهجمات الإلكترونية تكون قصيرة العمر وتترك أثرًا واضحًا، لكن هدفه كان مختلفًا و نوعيا. لم يكن يريد لفت الانتباه، بل أراد تنفيذ عملية طويلة الأمد، شيئًا أشبه بنزيف مستمر، لا يشعر به الضحية إلا بعد فوات الأوان.
كان "إكس 0" يعشق المدونات العالية الترافيك و الأرباح. تلك المواقع التي يعشق أصحابها زخرفتها بالإعلانات لربح الأموال من مختلف الشركات، لكنهم يهملون تحديثها وحمايتها بالشكل المطلوب. يعرف أن معظم هؤلاء المدونين يتكاسلون عن تحسين معايير الأمان، معتمدين على الأرقام الكبيرة التي تحققها إعلاناتهم، غافلين عن التهديدات التي قد تحيط بهم.
جلس "إكس 0" في تلك الليلة يحدق في شاشة مليئة بالأكواد والشيفرات. وبعد ساعة أو أقل من التمشيط في محرك البحث، وجد هدفه: مدونة شهيرة، مليئة بالترافيك، لكنها مليئة أيضًا بالثغرات. استنشق نفسًا عميقًا وابتسم ابتسامة هادئة، كان يعرف أن هذه اللحظة هي بداية رحلة طويلة من الأرباح الهادئة، منبع إضافي للدخل السلبي ستتم إضافته للقائمة.
باستخدام بعض التقنيات في فحص و تحليل الثغرات، إخترق المدونة بهدوء بإستخدام أحد الملفات ( py. ... ) ودون ترك أي أثر. بدلًا من إحداث فوضى أو تدمير الموقع، قام بتغيير بسيط. دخل إلى نظام الإعلانات وبدّل معرف الإعلانات في بعض المربعات، بحيث يتم توجيه نسبة ضئيلة جدًا من الأرباح إلى حسابه الخاص. لم يكن تغييرًا يمكن ملاحظته بسهولة، كان مجرد تعديل صغير جدًا، لكنه يكفي لملء حسابه ببطء وباستمرار.
"إكس 0" لم يكن في عجلة من أمره. كان يعرف أن العملية ستستمر لأعوام دون أن يلاحظها أحد. الأرباح ستتدفق إلى حسابه يومًا بعد يوم، أسبوعًا بعد أسبوع، بينما أصحاب المدونة يعتقدون أن كل شيء يسير بشكل طبيعي. ما كانوا يجهلونه هو أن جزءًا من ثروتهم و أرباحهم ينزف ببطء، و سينزف لسنوات، وأن "إكس 0" كان المستفيد الهادئ.
بعد سنوات من اختراقه الأول، كان "إكس 0" قد حقق أرقاما ضخمة، ولم يُكتشف حتى الآن. و كان يجلس في تلك الليلة الهادئة نفسها، يراقب شاشته مرة أخرى، لكن هذه المرة بابتسامة أكثر ثقة.
الفصل الأبيض The White Chapter
وعلى الطرف الآخر من العالم، كان "إكس 1" يجلس في غرفة مختلفة تمامًا، لكنها لا تقل ظلامًا عن تلك التي جلس فيها "إكس 0". كانت غرفته مليئة بالأجهزة، شاشات تعرض تدفق البيانات وتحذيرات الأمان . لكن بدلاً من أن يكون هدفه الربح السريع فقط، كان "إكس 1" يعمل بشغف على إكتشاف و سد الثغرات التي يتسلل من خلالها المخترقون أمثال "إكس 0".
"إكس 1" لم يكن مجرد هاكر، بل كان صائد ثغرات Bug Bounty Hunter يعشق هذه اللعبة الرائعة. كان يجد متعة في تحدي العبثية الرقمية التي ينشرها المهاجمون ويعمل بكل تفانٍ على إغلاق تلك الأبواب المفتوحة التي يتسللون منها لتحقيق تلك الأرقام الضخمة. كان يعلم أن الكثير من أصحاب المدونات والتطبيقات لا يفهمون عمق المخاطر التي تحيط بهم، وينتظرون حتى فوات الأوان قبل أن يدركوا حجم الخسائر. هنا يأتي دور "إكس 1"، الذي لم يكن ينتظر الخطر ليضرب، بل كان يتصدى له قبل وقوعه.
في إحدى الليالي، وبينما كان يراقب التدفقات المالية على مدونة شهيرة قد استعانت به للتأكد من سلامة موقعها، لاحظ وجود حركة غير عادية. كانت هناك تغييرات طفيفة جدًا في بيانات الإعلانات، شيء لا يمكن ملاحظته بسهولة، لكن "إكس 1" كان يفهم هذه الأمور. بحركة بسيطة، اكتشف أن هناك هاكرًا عبقريًا قد اخترق المدونة واستبدل معرفات الإعلانات ليحصد جزءًا صغيرًا من الأرباح دون أن يترك أثرًا واضحًا.
ابتسم "إكس 1" وهو يتذكر المحادثات التي أجراها مع أصحاب المدونة قبل أسابيع، عندما أكد لهم أن التهاون في حماية موقعهم يمكن أن يؤدي إلى نزيف مالي بطيء ومستمر. والآن، بعد أن رأى بنفسه آثار هذا النزيف، كان يعرف أن هذا هو الوقت المناسب للتدخل.
بدأ "إكس 1" بعمله المعتاد. قام بتحليل الثغرة واكتشاف الطريقة التي تسلل بها "إكس 0" إلى النظام. بدأ بكتابة تقرير مفصل لصاحب المدونة، يشرح فيه كل شيء: كيف تم الاختراق، وما هي التغييرات التي حدثت، وكيف يمكن إيقاف هذا النزيف المالي المستمر. لكنه لم يتوقف هنا. بخطوات سريعة ومحددة، بدأ بإغلاق الثغرة وإعادة ترتيب نظام الإعلانات ليمنع أي محاولة مستقبلية لتكرار نفس الاختراق.
"إكس 1" لم يكن يهدف للربح السريع فقط مثل "إكس 0"، بل كان يسعى لحماية المنظومة الرقمية من هؤلاء الأشباح الغير مرئيين. كان يؤمن بأن دوره في هذا العالم هو الدفاع عن أولئك الذين يتكاسلون في حماية مداخيلهم و أصولهم الرقمية و يركزون فقط على الإستمتاع بهذه الحياة. ومع كل عملية ناجحة، و كل عميل جديد كان ينضاف لقائمة العملاء كان يشعر بأنه يسهم في بناء عالم رقمي أكثر أمانًا.
وبعد ساعات من العمل المستمر، انتهى "إكس 1" من مهمته. جلس على كرسيه، مستمتعًا بلحظة الانتصار. لقد أوقف الهجوم، وأعاد حماية الموقع، والأهم من ذلك، أوقف نزيف الدولار الذي كان يمكن أن يستمر لسنوات دون أن يلاحظه أحد.
المغزى من القصة
أيها البطل الخارق، هناك أبعاد متعددة لتحقيق القوة و الثراء على الإنترنت و كلها في متناولك إن شاء الله، لكن أي بعد إخترته إحرص دائما على أن لا يخالف مبادئك و قيمك. بل و أزيدك من الشعر بيت، إذا إمتلكت مبادئ و قيم قوية ستولد لك طاقة رهيبة تمكنك من إحتراف أي شيء تتخيله لأن طاقة المبادئ رهيبة عندما تشتعل في عقول و قلوب أصحابها.
💬 يمكنك أن تترك لي رأيك في القصة في التعليقات قبل أن أبدأ السلسلة التقنية الجديدة على القناة إن شاء الله، و التي ستكون كل التقنيات المشروحة فيها من صلب هذه القصة التي هي من صلب الواقع الرقمي ..
